معبد تل العقير
بقلم محمد العبيدي
معبد يقع في منطقة العقير، بالقرب من قضاء المحاويل، محافظة بابل واكتشف هذا التل ، من قبل الأستاذ ( طه باقر )، من المعرف أن أول ما طشف عنه في هذا الموقع، هو وجود الرسوم الجدارية على جدران هذا المعبد . ومن المعروف الرسوم الجدارية تعود إلى النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد.أي العصر شبيه الكتاب
الرسوم الجدارية بالعادة من الفنون التي تتأثر بفعل العوامل الطبيعية والجوية وقبل الدخول في تفاصيل الرسم الجداري لابد من إعطاء فرصة تاريخية لعملية تشييد المعبد :
المعبد مشيد على مصطبة ذات قاعدة بناء وارتكاز صلبة على الأغلب من مادة ( اللبن الطينية )، ومن ثم يجري الصعود إليه بسلم مشيد هو الآخر من المادة نفسها ، ولذلك شيدت اغلب بناءات تلك الفترة من هذه المادة لتوفرها في الطبيعة، المعبد بمساحة متوسطة يجري فيها ممارسة الطقوس الدينية، والارتقاء الأمثل لكسب رضا الالهه.
الرسم ألجداري في المعبد يجري وصفه بالشكل الآتي :
زوج من الفهود المرقطة منفذة على طلاء من الجص وبمستويات مختلفة، الفهد الأول بجانب والآخر بجانب السلم من الجهة المقابلة وهما في حالة تأهب ووثوب عالي، اظهرت تلك الصفات من خلال الدراسات التشريحية ، للأرجل والأقدام والفكين في الوجه من الأمام وهنا نصل إلى حالة ، وهي ان الفهد في حلة تأهب للقيام بعملية القفزأوالانطلاق والانقضاض على شيء معين، ربما على كل من يحاول أن يدنس حرم المكان والعبث بقدسيته، هذا الرسم في التحليل الفني يعطي الأفكار الآتية :
أسلوب التنفيذ: وثوب الحركة بالانطلاق أو القفز، هيمنة جسم الفهد ، وجوده في مكان يلعب ضمن دائرة مهمة وهي دائرة المعتقد الديني، كلها بدأت تجتمع لتوصل اللغة البلاغية من خلال هذه الصفات إلى المتلقي لذي لابد عليه ان يفرض حالة الاحترام والتبجيل، إلى قدسية المكان واحترام مفروض إزاء حرم الإله.
هذه الرسالة التي يبثها المشهد قد تكون الوحيدة، فهي تبرز المهيمنات القدسية والروحية ذات المستوى الطقوسي والشعائري التي تُنقل بدورها إلى جمهور المتلقين من الجماعة، هذا التبجيل العالي أعطى للمكان فرصة كبيرة أخرى، وهي التعامل النفسي مع الرسوم الجدارية الموجودة. لتأخذ بنظر الاعتبار أينما وجدت وخصوصا في فضاءات إقامة تلك الشعائروالطقوس.
الأمر الآخر وثوب الحركة وبحركات مختلفة، أراد الفنان الرافديني، أن يعطي برسمه هذا علامة مميزة أخرى، هو تعامل اللغة الجديدة وهي دلالة الرموز، وكلها كانت تحصيل حاصل واستعارات، من البيئة وحتى التكرار في الرسوم الأخرى لايغير من دلالات، وتنوع الحركات وحتى وان كان بدلالة المكان .
يرى الكاتب أن وجود زوج من الفهود تقترب من أن تكون علامات حراسية تلعب في قدسية المكان أكثر من غيرها ولذلك عوامل التحفز والوثوب والتهيؤ كلها ايعازات لم تكن مستعارة، أو داخلة على الحيوان دون طبيعته، وإنما هي دلالات تثبت المعنى وتريد أن تبلغ المتلقي أنها عوامل تلعب بدائرة المعتقد الديني قبل كل شيء.
حركات الفهود مجتمعة هي قرارات لتفويت الفرصة على كل من يدخل المكان بصورة غير شرعية، وكذلك الابتعاد عن الاسترخاء الحركي المعلن الذي يؤديه، هذا الزوج من الفهود الحوافز الأخرى ربما تكون كفيلة بان تعطي للمكان أهمية أخرى، وهي واقعية الجلوس والتأهب والوثوب والقفز والحركة كلها تصب في ترسيخ أن يكون المكان هو فضاء مقدس، تمارس فيه كل أشكال التعبير في بلاغات الخبرة الدينية من خلال حتى القرابين المقدمة، وممارسة الطقس أو الشعيرة، في أن يستطيع بمقدوره صهر وتوجيه كل الاستجابات الانفعالية في بنيات سلوك الانسان الرافديني القديم .