تأريخ الدول المغاربية

منذ أقدم العصور إلى فجر التاريخ

     أن دراسة تاريخ ليبيا وتونس والجزائر والمغرب القديم يمكن ان نقسمه إلى فترات زمنية: الأول: من أقدم العصور وحتى فجر التاريخ وهي فترة غنية بالتنقيبات الاثرية وعثر على الشيء الكثير من المواقع الاثرية وذلك بفضل جهود الباحثين الفرنسيين منذ بداية القرن الثامن عشر واستمرت حتى الاستقلال عندما تولى الباحثين المغاربة عمليات التنقيب  بأنفسهم أو بمساعدة من البعثات الأجنبية وكسر الحصار الثقافي الفرنسي فنرى بعثات المانية وبريطانية وامريكية وبالتالي ظهرت البحوث في الآونة الأخيرة لتسد فجوات تاريخية ، ولكن الفترة فجر التاريخ  من الصعب تحديد فترة انتهائها وبداية الفترة التي تليها فلكل باحث راي خاص متى انتهى عصر فجر التاريخ؟  الثاني: يمكن تحديده من الوصول الفينيقي التجاري إلى غرب البحر المتوسط واعقبها تأسيس قرطاج ومن ثم ظهور الممالك البربرية مثل موريتانيا الطنجية، وموريتانيا القيصرية، ومملكة نوميديا، ورافق ظهور هذه الممالك نهوض قوة روما الفتية التي سيطرة على حوض المتوسط، فاختفت قرطاج كما اختفت الممالك أو تبعيتها الكاملة للنفوذ الروماني فيما بعد، ثالثا: خضوع شمال افريقيا لسيطرة الدولة البيزنطية وشملت مصر وليبيا وتونس، بينما سيطر (الوندال) حكام اسبانيا على المغرب والجزائر، وقد اضمحلوا نهائيا بعد طردهم من شمال افريقيا على يد السكان المحليين بمساعدة البيزنطيين.

      هناك ثلاث أسماء متداولة تشمل تاريخ ليبيا وتونس والجزائر والمغرب استعملت حسب الظرف السياسي لتلك الدول التي تتحد اجتماعي بشعب يضم الامازيغ (البربر)، والعرب وهناك تقارب لغوي وتقاليد مشتركة فيما بينهم ومن الأسماء المتداولة هي:

• دول شمال افريقيا: وهو مصطلح جغرافي استخدم منذ القرن التاسع عشر الميلادي في مؤلفات المثقفين الفرنسيين والحكومة الفرنسية ويراد به تونس والجزائر والمغرب أما ليبيا فكانت خاضعة للسيطرة العثمانية ومن ثم الإيطالية فهي بعيدة عن مناطق النفوذ الفرنسي، أما مصر فلا تدخل ضمن التقسيم الفرنسي لان مصر ضمن دائرة النفوذ البريطاني، ومن جهة أخرى تاريخ مصر يدرس لوحده فهو تاريخ عريق مستقل بذاته، أما موريتانيا فصحيح انها خاضعة للاستعمار الفرنسي إلا انها فقيرة بالتنقيبات الاثرية فغالبية أراضيها صحراء قاحلة ولم يعطى لها الحيز الكبير في البحوث الفرنسية أو عمليات التنقيب الاثري.
• الدول المغاربية: بعد استقلال دول شمال افريقيا ظهرت نزعة للتوحد بين تونس والجزائر والمغرب واضيفت ليبيا فيما بعد، وأصبح هذا المصطلح ذو طابع سياسي قد يؤدي إلى تحقيق الوحدة أو على الاقل التعاون فيما بينهم، وهو حلم من الصعب تحقيقه، وهذا المصطلح متداول في رسائل الجامعات في تونس والجزائر والمغرب وهي بعيدة عن التفكير السياسي الحديث.
• دول المغرب العربي: هذا المصطلح شائع في الدول العربية الشرق أوسطية استخدم في التعليم والاعلام ولم أجد له صدى كبير في الدول المغاربية، وليس له صدى في شمال افريقيا، فالشائع استخدام تعبير الإسلام فله الفضل في الحفاظ على المجتمع المغاربي وحافظ على لغته العربية لحد الان.

هذه المصطلحات الثلاث ادخلتها في كتابي فيجد القارئ تعبير شمال افريقيا وأحيانا أخرى الدول المغاربية

أو بلاد المغرب أو المغرب القديم وأيضا أدخلت اصطلاح دول المغرب العربي وبمجموعها اقصد (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب) ولم ادخل موريتانيا لان معلوماتي ضئيلة جدا عنها، ومهما يكن الامر ليس هناك خلط بالأسماء انما استخدمت ما هو متداول.

   وعندما بدأت في الكتابة كانت لدي فكرة بان اغلب المؤلفات الأجنبية التي تناولت التاريخ المغاربي ارجعت اللقى الاثرية إلى تأثيرات اوربية في شبه جزيرة ايبيريا (اسبانيا والبرتغال) وجزيرتي صقلية وسردينيا وإيطاليا وهذه المناطق في عصر فجر التاريخ كانت متخلفة حضاريا عن مناطق أكثر حضارة مثل مصر وبلاد الرافدين ولهذا شعرت ان التأثيرات انتقلت من الشرق الأدنى إلى شمال افريقيا ومن ثم حاولت وانا أتحدث عن الاثار المكتشفة في الدول المغاربية بان لها نظائرها في العراق ومصر وسوريا وبلاد الاناضول والمملكة العربية السعودية والبحرين والامارات وعمان ومصر واثار هذه الدول اقدم عهدا من اثار شمال افريقيا ومن اثار شبة جزيرة ايبيريا لذا التأثير والتأثر بدول الشرق الأوسطية اكثر ملائمة من اوربا.

الأستاذ الدكتور

صلاح رشيد الصالحي

تخصص: تاريخ قديم

بغداد 2020