صدور النسخة العربية من كتاب "ملحمة إيــــرا
ملحمة إيرّا
ترجمها عن اللغة الاكدية وقدم لها : لويجي گانّي
ترجمة النص الانجليزي الى العربية : د. مؤيد سعيد الدامرجي والسيدة سها أحمد
مراجعة واشراف : عبداالسلام صبحي طــه
منشورات دار الرافدين للنشر والتوزيع، بيروت - 2022
- عرض للكتاب
بقلم عبدالسلام صبحي طــه :
وردت ملحمة إيرّا في خمسة ألواح طينية باللغة الأكدية بصورة شبه مكتـملة. في اللوح الخامس منها يرد ان ناظمها ربما كان احد الكهنة البابليين واسمه : (كابتي إيلاني مَردوخ بن دابيبي )
حيث يذكر بالنص ان :" الإله قد أوحى له بها خلال الليل وفي النهار عندما تلاها لم يفته شيء واحد ولم يضف إليها سطرًا واحدًا (من عنده) .
وقد ترجمها من تلك اللغة الى اللغتين الألمانية والإيطالية عالم الآشوريات الإيطالي الأب لويجي گانّي (1928 - 1989) حيث كانت موضوع اطروحته للدكتوراه في جامعة هايدلبيرج في ستينيات القرن المنصرم. ويسعدني تقديم الترجمة العربية للنسخة الإنجليزية من هذه القصيدة (طبعة دار Undena )/ 1977 للدكتور مؤيد سعيد بسيم الدامرجي والسيدة سها أحمد، و قد تكفلت بمراجعة النص المترجم و الاشراف على اصدار الكتاب، وتعاون معي مشكورا الصديق علي آل تاجر بتخصيصه ستة لوحات تشكيلية واحدة منها للغلاف و الخمس الاخرى لكل لوح من الواح الملحمة.
- خصوصية هذه النسخة من الملحمة :
جرى اعتماد ترجمة البروفسر گاني من قبل المختصين في آداب الشرق الأدنى القديم، وكانت بمنزلة مرجع أساس للباحثين اللاحقين، ولم يكتف بروفسر گانّي بترجمة النص الاكدي وانما اضاف اليه دراسة حيوية جدا مُدعمة بتحليلاتٍ وتعليقاتٍ مهمة، مع تقديمٍ وافٍ لها من قبله والدكتور مؤيد سعيد الدامرجي ، تُـنـشـر- أول مرة - لترفد المكتبة العربية بإسهام ثري آخر من العـــــــــــــــــراق وأهله الــــى الفكر الإنساني.
- تقديم الملحمة :
تُعَـــدّ ملحمة إيـــرّا من كلاسيكيات الأدب العــــــــــــــــــراقي القديم، وقد أضحت جزءًا من التراث الشعبي الشفاهي في بلاد النهرين القديمة والأقاليم المجاورة لها، ويبدو أنها حازت حينها على اهتمام وتقدير كبيرين، حتى إن المتعلمين آنذاك (وأغلبهم من الكهنة)، كانوا يرتلونها على نحو مستمر، واهتموا بتدوينها. وقد عُثر على ألواح متفرقةٍ لنصوصها في أرجاء العــــــــــــــــــراق والشرق الأدنى، وبعض من ما عُثر عليه من رُقم ودلايات كانت تستخدم تمائم لطرد الشر.
تَرك هذا العمل الأدبي المتفرد بصماته الفكرية الصريحة على بعض ملاحم الإغريق ونصوص العهد القديم، ولا أدل من شهادة عالم الاشوريات البريطاني ويلفرد لامبيرت للقصيدة بكونِها "إحدى الروائع الملحمية للأدب الأكدي"، فهي عمل إبداعي متميز بتجسيده الواقع والحياة، عبر توظيفه رموز دينية حيوية، ليعكس عبر النص المشبّع بروح مرحلة تاريخية لها خصوصية اجتماعية وسياسية، ولتقف بكل جدارة إلى جانب الأعمال الملحمية العراقية الكبرى: جلجامش، وأتراخاسيس (الثريّ الحسّ)، والإينوما إيليش (حينما في العُلى)، فهي لا تقل عنها ثراءً أدبيًا وبلاغيًا، وكعمل شعري- مسـرحي رصين، نتمنى أن يجد طريقه يومًا إلى خشبة المسرح العـــــــراقي.

لدار الرافدين الغراء كل التقدير لتبنيها نشر الأعمال الأدبية والتاريخية المتعلقة بحضارة العراق، عسى أن تعوّض مبادراتها عن بعض النقص الحاصل في نشر دراسات مرجعية كهذه، لتكون عونًا للباحث والقارئ الشغوف بدراسة تراث بلادنا العريق.
Comments powered by CComment