الاستاذ حكمت بشير الاسود

الاكيتو -احتفال العراقيين القدماء بالسنة الجديدة وتأثيراته في أعياد الاقوام المجاورة

Posted in الباحث الاثاري حكمت بشير الاسود

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

كان للعراقيين القدامى اعيادا كثيرة منها اعياد دينية ومناسبات تقترن بالافراح مثل تتويج الملوك والاحتفال بالنصر اضافة الى الاعياد الفصلية، وكان الناس يشاركون في الاعياد وخاصة الدينية منها،

 تحميل الكتاب ( انقر هنا )


اعتبر العيد في كل الاديان عنصر جوهري من عناصر العبادة حيث يشترك فيه الناس جميعا في ايام معينة من السنة ، وتمتد جذور الاعياد بعيدا في تاريخ البشرية ربما الى الفترة التي سبقت ظهور الزراعة ، الا ان التحول الذي حدث في حياة الانسان في العصر الحجري الحديث ادى الى نشوء الاعياد الموقوتة اذ شرع الانسان يدرك فكرة المواسم والفصول الطبيعية التي تدور حولها الدورة الزراعية لانه بدأ يقيس الزمن بالتقويم الشمسي واتخذ من الاعمال الزراعية وحدات لقياس الزمن ، وهكذا بدأ الانسان يحتفل بالاعياد الرسمية الموقوتة كمناسبة البذار وحصاد الغلة وجنيها، وقد رافق ذلك تقديم الاضاحي والقرابين.
كان للعراقيين القدامى اعيادا كثيرة منها اعياد دينية ومناسبات تقترن بالافراح مثل تتويج الملوك والاحتفال بالنصر اضافة الى الاعياد الفصلية
، وكان الناس يشاركون في الاعياد وخاصة الدينية منها، ومن ابرز هذه الاعياد كان عيد راس السنة الجديدة او ما يعرف بعيد (اكيتوAkitu ) الذي يعتبر واحدا من اقدم الاعياد المسجلة في الشرق الادنى حيث استمرت طقوسه لعدة آلاف من السنين، فقد كان يحتفل به في بلاد الرافدين منذ منتصف الالف الثالث ق.م وحتى القرن الثاني ق.م.
وتكشف لنا الشواهد الكتابية ان اول عيد للاكيتو بدأ كعيد للحصاد الزراعي الذي كان يحصل مرتين في السنة، واحد في شهر(نيسانو Nisannu / يقع بين آذار ونيسان) لحصاد الغلة والاخر في شهر(تشريتو Tišritu / يقع بين ايلول وتشرين الاول) لحصاد الحنطة، وقد تطور العيد من احتفال زراعي نصف سنوي الى عيد وطني سنوي للسنة الجديدة (الربيع) حيث كان الناس يشاركون الارض في افراحها وكان يحتفل به في العاصمة بمشاركة الملك والكهنة. وقد احرز عيد اكيتو شهرة سياسية خاصة في العصر الاشوري الحديث والبابلي الحديث واصبح وسيلة دعائية استخدم لتعزيز فكرة الدولة في الالف الاول ق.م في بابل. وكانت الاحتفالات بعيد اكيتو تستمر (12 يوما) عندما وصل العيد مرحلته الاكثر تطورا، وقد تضمنت هذه الاحتفالات اقامة الصلوات والطقوس وتقديم الاضاحي والمواكب الخاصة بالملك والالهة معا وتلاوة قصة الخليقة البابلية (اينما – ايليش Enuma – eliš) وانبثاق التنبؤات والوحي للسنة القادمة واعادة تشريع العبادة الاساسية والزواج المقدس.
ان عيد اكيتو لم يكن يمثل احتفالا دينيا فقط، لكن كان له اهميته السياسية والاجتماعية في المجتع البابلي – الاشوري حيث كانت الطقوس تتضمن تجديد حكم الملك والكاهن الاكبر وابداء خضوعهما للاله الذي ينعم بالقرابين والناس بالمآدب ، كما تتضمن الطقوس تخصيص يومان لتقرير المصائر والشرعية لملوك بلاد الرافدين، وكان هذا العيد يعتبر عنصرا مكملا للسياسة الملكية للناس في المجتمع العراقي القديم والاغراب على حد سواء حيث ان الاحتفالات بعيد اكيتو كانت توظف التدابير السياسية من قبل العاهل او الكاهن الاكبر ليؤكد على سلطة الملك والاله الوطني والعاصمة البابلية.
عيد اكيتو واثره على اعياد الاقوام المجاورة
تكمن عظمة واصالة حضارة بلاد الرافدين وعبقرية سكانها في الاثر الكبير الذي تركته على ما جاورها من دول وثقافات يمكن تتبعها في الكثير من المجالات القديمة والمعاصرة، والشواهد على ذلك كثيرة.
لقد تاثرت اقوام اخرى بالاعياد البابلية والاشورية وخاصة عيد راس السنة الجديدة او ما يسمى بالاكيتو فاتخذته عيدا مقدسا مثلما فعلت القبائل الهندية والايرانية، كما واعتقدت به الزرادشتية فاسمته عيد النوروز ((ونوروز كلمة فارسية مكونة من مقطعين ( نو ) تعني جديد ( روز ) وتعني اليوم، فيكون معنى عيد نوروز ( اليوم الجديد ) وهو عيد راس السنة لدى الفرس والعديد من الاقوام المجاورة))، وكانت احتفالات الملك الساساني بهذه الاعياد تشبه بعض ما كان يقوم به ملوك بلاد الرافدين القدامى من طقوس ومراسيم ، ومن الجدير بالذكر يمكن المقارنة بما اوردته النصوص عن الاحتفالات المرتبطة باحتفال عيد اكيتو الذي يصادف في فترة الخريف ومنه مايسمى (عيد سفينة نورو ezen – ma nu – ru ) حيث تعني الكلمة البابلية (nu – ru ) ضوء الشمس او المصباح ومن الفعل يشرق حيث هناك ترابط معين بين كلمة (نوروز ونورو).
وقد تاثرت اليزيدية بالعيد البابلي (اكيتو) اذ كان راس السنة عندهم يصادف اول اربعاء من شهر نيسان، لذا اعتبروا شهر نيسان جميعه اعيادا مقدسة .

 
اكيتو ... عيد راس السنة البابلية الاشورية ( بقلم حكمت بشير الاسود )  : يشير هذا العيد الى السنة الجديدة او عيد بداية السنة الجديدة ، اذ يعود الاحتفال بعيد راس السنة الجديدة الى عصور مبكرة من حضارة بلاد الرافدين ، فقد وردت اشارات في النصوص المسمارية الى ان هذه الاحتفالات كانت معروفة في المدن العراقية القديمة في حدود منتصف الالف الثالث ق.م في مدينة اور واصبحت شائعة في كل بلاد بابل وآشور في نهاية العصر البابلي القديم (2000 – 1500 ق.م ) واستمرت على نحو متواصل حتى القرن الثاني ق.م . تعتبر الاحتفالات بالسنة الجديدة (الاكيتو) واحدة من اكثر الاعياد والمهرجانات الدينية الاجتماعية الشعبية قدما وعالمية والتي كان يشارك فيها الالهة والملك وجماهير المدينة ، ومن اوسع التقاطعات عبر الثقافات والعصور، حيث تؤشر الاحتفالات والملاحظات الطقسية مرور الفصول او عودة الشمس، وقد كان يحتفل بعيد اكيتو في العصر السومري طبقا للدورة النباتية لموسم الحصاد والبذار وكلاهما كان يؤشر بداية السنة . وقد جرت العادة على اقامة الاحتفال بعيد الاكيتو كل عام حسب التوقيت البابلي القمري في الاول من نيسان وابتداء من العصر البابلي القديم. مدة الاحتفال بعيد اكيتو يجب ملاحظة مسالة التوقيت بعيد اكيتو فيما له علاقة باستمرارية مدته وكذلك تخصيص الفعاليات لكل يوم من ايام العيد ، فالنصوص السومرية المبكرة تتحدث بالتفصيل عن عيد اكيتو وتذكر بانه لم يكن يستمر دائما (12 يوما)، فالبعض منها يكشف عن المدة بين (5 – 7) ايام ، بينما توضح شواهد النصوص البابلية في الالف الاول ق.م بان احتفالات اكيتو تبدأ في الاول من نيسان حتى الثاني عشر منه، بينما كان عيد الاكيتو في اوروك (الوركاء) خلال شهر Nisannu و Tisritu يستمر (11 يوما) وعليه فان التحليلات التقليدية لا تزال فعالة، فالروية البابلية للعيد تستمر على الاقل (11 يوما) وربما (12 يوما) ، ومن خلال ملاحظة مدة العيد الطويلة التي تستمر 11 – 12 يوما يبرز السوال المنطقي، لماذا مثل هذا العيد الطويل ، وهناك عدد من الاجوبة لهذا السوال : - ان الرقم (12) هو رقم رمزي في النظام الستيني sexagesimal لعلم الرياضيات البابلي، هذا النظام المرن الذي يعتمد على اس العدد (60) من حيث قابليته للتحليل الى عوامل عديدة اكثر من أي نظام عددي آخر معروف. - يعتقد البعض ان بداية عيد اكيتو في حضارة بلاد الرافدين كانت على علاقة معقدة مع التقويم القمري وارتباطه مع اله القمر( نانا/ سين )حيث ان الفترة الزمنية ال (12 يوما او 11 يوما) لاكيتو ترتبط بطريقة معينة باصولها كعيد قمري، حيث تسمح هذه المدة الواسعة من الوقت لكي يكتمل القمر دورته من القمر الجديد لينمو الى القمر الاكبر وبهذا فهو يرمز الى الاله ( اله القمر ) . - فسر البعض رمزيا مدة عيد اكتو البالغة (12 يوما) بانها تساوي اشهر السنة الاثني عشر، فكل يوم كان يقابل شهرا واحدا مرتبطا بالسنة الجديدة، ويرتبط الرمز الكامل بالمفهوم الاسطوري للاشهر الاثني عشر للخصوبة والوفرة، ومفهوم مشابه يرتبط بالاعياد الشهرية باساطير النجوم والابراج، وان تفسير برجي واحد يفترض ان عيد راس السنة في شهر Tišritu كان يرتكز على حكم الارواح في العالم السفلي مع رمز البرج لشهر برج الميزان. المعاني الرمزية لعيد أكيتو : لقد فتن عيد اكيتو الخيال الديني لشعب حضارة بلاد الرافدين لاكثر من 2500 سنة لانه كان غنيا علي نحو غير اعتيادي بالطقوس والرموز الدينية والاسطورية والاجتماعية والسياسية، وتكمن قوة أي طقس في فعالية رموزه ومحتواه الاجتماعي وقابليته على التغيير. كانت حوادث العيد ومن ضمنها الموكب الرائع للملك والالهة الذي يجول عبر المدينة يكتمل مع العطل العامة للناس، وتكتمل بالعبادة والاضاحي وكانت بالتاكيد ذا تاثير اجتماعي هائل للمواطنين في بابل، كما كان الاكيتو مناسبة رائعة لزيادة فرحة الملك وهو يتباهى بثروته وانجازاته في الحرب والحملات العسكرية وبالاسرى والغنائم من مواطني الامم المخضوعة التي كانت تشترك بالموكب، كما كان الملك بنفس الوقت يحاول ان يعرض قوته وهيبته وسيطرته من خلال هذا الاحتفال المهيب مقرونا باثارة المشاعر الدينية وتذكير الناس بانه ممثل الاله على الارض. ونحن نعرف ايضا من مصادر غير مباشرة ان احتفالات اكيتو كانت فرصة للمرح والفرح واقامة العلاقات الاجتماعية والغرامية ، كما كانت طقوس اكيتو تتبنى التكافل من خلال تقديم الطعام والشراب والولائم حيث كانت المعابد توزع اللحم ومواد غذائية اخرى لاعضاء الجماعة حيث يستمتع المواطن المتوسط الحال والفقير باللحم ووسائل الترف الاخرى . وهناك ملاحظات ضرورية لكي نفهم الاكيتو مع كل طقوسه المقدسة، فمن المهم ان نحلل توقيت الحوادث خلال فترة العيد، وتاسيس مواقع المعابد البابلية والمزارات وبيت اكيتو وملاحظة الممثلين الذين يقومون بادوارهم خلال العبادة الشخصية، والالهة المختلفة لمجمع الالهة البابلي، والملك الذي كان مفتاح المشاركة لهذه الحوادث : - كانت الطقوس اليومية تبدأ بوقت مبكر بينما لا يزال الظلام مخيما على الارض عندما ينهض الكاهن الاكبر (شيشكالو sesgallu) كل يوم وهو يحيي الشمس المشرقة عند الفجر ، وان الحدث اليومي لظهور الشمس ونجوم اخرى في الافق هو امر مهم جدا، وقد سجل في الملاحضات الفألية والفلكية، ولوحظت الفترة المظلمة بين منتصف الليل والفجر كفترة متعلقة بعتبة الشعور. كاهن الشيشكالو لا يستطيع ان يفوز بالامر وان يقود شروق الشمس ويفرض سيطرة افضل على الحوادث طوال النهار الا بواسطة النهوض قبل الشروق عندما تكون الظلمة لا تزال سائدة ، هذا الصمت الكوني العظيم الذي يشعرك بالرهبة والرغبة في التواصل الالهي والانساني على الارض وفي المعبد ، وقد تحدثت النصوص السلوقية الخاصة بشهر Tašritu عن ما يعرف بـ dik biti أي (ايقاض المعبد) ذلك الاحتفال الذي كان يحدث عند الفجر وقبل ان تفتح البوابات في اليوم السابع من dik biti والتي كانت تنجز من قبل كاهن الرثاء (كالو) وكاهن الغناء (نارو) بصوتهما الشجي الحزين، وبعدها يجب ان تفتح الوابات حتى انتهاء العبادة الشخصية، انه رمز الاهمية كل يوم . و ان اوقات النهوض لايام عيد اكيتو تبدا في اليوم الاول عند الساعة السادسة فجرا، وفي اليوم الثاني عند الرابعة فجرا، والثالث عند الساعة 20/3 فجرا بينما يبدا الاحتفال الثاني في الساعة التاسعة عندما تكون الشمس في منتصف الطريق في نقطة ذروتها، واليوم الرابع عند الساعة 40 /2 فجرا، وفي اليوم الخامس عند الساعة الثانية فجرا. بينما يبدا آخر طقس من اليوم حوالي 40 دقيقة قبل المغيب وينتهي عندما تكون الشمس في الافق، بعدها يخيم الظلام على البلاد وتغلق بوابة المعبد . - نحن نعلم استنادا الى النصوص القانونية والاقتصادية ان المحافظة على المعبد والقصر في أي وقت يتطلب كميات ملحوظة من الريع. وقد ضم الايراد الحكومي فقرات مثل الجزية، الغنيمة، الهدايا الخاصة بمالكي الارض، الفعاليات المضمونة، بيع الرقيق، تقدمة المعابد، والعديد من الضرائب (التي كانت تدفع من الفضة في نهاية الالف الاول ق.م). - وكانت السنة الجديدة الوقت الملائم لمدينة بابل لتصفية الحسابات حيث تصبح قروض المعبد مستحقة في ذلك الوقت من السنة الجديدة، ويخبرنا احد النصوص من بورسيبا مايلي: (في وقت الربيع، سيدي الملك ارسل الحرس الشخصي بالاوامر التالية : القيام بحساب للثيران والاغنام العائدة الى نابو) . وكان احد الحالات المميزة هو اليوم المحدد لهذا الحساب، وهو اليوم السابع من nisannu الذي اعتبر يوم موازنة الحسابات (لعل نابو يثبت حسابات الملك سيدي الى الابد في سلسلة حياته). او كما جاء في احد النصوص (اليوم هو يوم السنة الجديدة، لعل بل/ مردوخ ونابو يحسبان ايام سيدي، لاجل النجاح وايامه لاجل الربح) . - لقد سيطرت المعابد على الاقتصاد ومعاني الانتاج والتوزيع كما كانت المصارف في بلاد الرافدين القديمة، وكان المعبد بصورة عامة يتمتع بالربح خلال العيد بعدة اشكال، ربما كانت التقدمات تستمر حتى اليوم الاخير (اليوم الثاني عشر من العيد) ليس فقط من قبل المواطنين ولكن من قبل عدد من الزوار الموقورين، وبالتاكيد لا يوجد احد يزور الاله في عيد اكيتو من دون ان يقدم تقدمة، كما ان الموظفين الحكوميين والكهنة للمدن المجاورة الذين يعنون بالثراء الاكيد للسنة القادمة سوف يقدمون الهدايا والجزية الى الاله مردوخ بهذه المناسبة . كما اشارت بعض النصوص الى تعامل الملوك مع آلهتهم سواء من خلال تخليدهم ببناء معبد او اعادة ترميمه او ايقاف مزارع وارض يخصص ريعها لادامة نشاط المعبد وجمع (الخمس) وتقديم القرابيين والنذور في مناسبات معينة من السنة كرأس السنة البابلية (الاكيتو) او عند مرور حملة الملك من معبد احدى المدن الواقعة على طريق الحملة ، والخمس هو ما يجب على حكام المقاطعات دفعه للمعابد الرئيسية وخصوصا في العصر الاشوري الحديث وتحديدا في مدينة آشور، ويتضمن هذا الخمس الحاصلات الزراعية كالحبوب والطحين والتبن والثروة الحيوانية كالقرابين المقدمة الى معبد آشور. - كان مردوخ الاله الرئيس لمدينة بابل يتعرض للموت لمدة يوم او يومين من ايام عيد راس السنة البابلية وكان يختفي خلال تلك المدة في موضع يشار اليه باسم (جبل خرشانو) وهو من اسماء العالم السفلي. وفي اثناء غيابه ياخذ الناس بندبه والبحث عنه بلهفة وجزع ويقوم ابنه الاله نابو وهو الاله الرئيس لمدينة بورسيبا وزوجته الالهة بيليه – بلبيلي (صربانيتم) بالبحث عنه بحسب ما يرد في النص البابلي، وبعد انتهاء تلك المدة يتمكن مردوخ من الخلاص من سجنه ويعود الى مدينة بابل وتعم الفرحة بعودته وتقام الاحتفالات بذلك. يتبين من هذا النص ان احتفالات راس السنة البابلية كانت تحتوي في فقراتها على تمثيلية اخراج الاله نابو لوالده الاله مردوخ من جبل العالم الاسفل. وان اليوم الذي تجري فيه هذه التمثيلية يكون يوما عصيبا على السكان اذ يحزن فيه الناس ويضربون بعضهم بعضا حتى تسيل دمائهم مثلما سال دم الاله مردوخ عندما اخذ الى العالم الاسفل حيث قامت عندها سيدة بابل التي كانت ترتدي في ظهرها الصوف الاسود وعلى صدرها صوف ملون ومسحت بيديها الدم السائل من قلبه. وقد ذكرت لنا النصوص بعض الاحتفالات التي كانت ترتبط باحتفال عيد اكيتو الذي يصادف في فترة الخريف والتي لم نعرف عن مضمونها شيء، ولكن يمكن ان يرتبط بعضها بمسالة اختفاء الاله مردوخ فب العالم الاسفل. وهذه الاحتفالات هي : احتفال البكاء الكثير احتفال البكاء الكثير والتجول في المدينة عيد المشاعل او عيد المراثي

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.  (  عيد اكيتو في حوار مع الباحث الاثاري حكمت بشير الاسود ) 
يضيف الباحث الاثاري حكمت بشير الاسود بان المصادر الموجودة والتي تدل على المعتقدات الدينية كانت تعتمد بالأساس على المخلفات المادية التي تركها الإنسان ومنها النقوش التي زينت الأواني الفخارية ودمى الطين والتماثيل والمشاهد الدينية المنقوشة على بعض المسلات والأختام والمنحوتات كما تضم القبور وأساليب الدفن فيها وما عثر من مواد مدفونة مع الموتى كالحلي والأواني الفخارية والأسلحة .. أما عيد رأس السنة الاشورية البابلية(اكيتو) فيرتبط بالإلهة انانا (عشتار ) وهي الهة الحب والحرب والجمال ابنة ننار سين اله القمر والذي يدعى بسيد الشهر لانه ينظم أيام الشهر والسنة في حضارة العراق القديم كما لقب هذا الإله بعدة ألقاب منها ( المنير )والضوء اللامع للقمر والعجل والتاج البراق وسفينة السماء وعدت مدينة أور مركز لعبادة هذا الاله الذي اعتبر الها حاميا للمدينة وقد شيد له معبد كما شيدت له معابد أخرى في حران وبابل ونفر وغيرها ويمثل الاله القمر بهلال مع صورة على هيئة البشر وقد زين رأسه تاج ذو أربعة قرون يعلوها هلال وقد مسكت بيده اليمنى بالصولجان رمز الملوكية أما اليد اليسرى فمسكت بالفأس ووضعها على صدره وحيوانه هو التنين الخرافي وشعاره قرص الشمس اما الإلهة عشتار فقد اسماها السومريين بانانا ومعناها سيدة السماء وعرفها الجزيرون باسم (عشتار) اما الفينيقيون فأطلقوا عليها (عشتروت) فيما الإغريق عرفوها باسم( فينوس) أي الزهرة وانتشرت عبادتها في معظم إنحاء الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط ويرتبط بالجانب المهم من هذه العبادة بالإله دموزي(تموز) الذي يعتبر زوجها وكان الأسد حيوانها المقدس بصفتها الهة الحرب كما نعتوها باللبوة ومن أسلحتها القوس والكنانة التي تبرز من كتفيها .. وقد حرص العراقيون القدماء على المحافظة على شعائرهم الدينية من خلال الاستمرارية في إحيائها بالإضافة الى معتقدات وأسس دينية كانوا يؤمنون بها وهي الشرك أي ما يعرف بالتعددية في عبادة عدة الهة فضلا عن الحيوية التي تقوم على المبدأ القائل بوجود قوة حية وخفية في مختلف الظواهر الطبيعية والكونية اما الاستمرارية فيعني بها الاستمرار التاريخي فالإلهة التي قدسها سكان العراق القديم في العصور المتأخرة هي مشابهة بوجه التقريب للإلهة القديمة وكذلك يقال في الطقوس والشعائر والتراتيل الدينية الأساس وتخطيط المعابد .. ومن أهم رموز عيد رأس السنة البابلية الاشورية يبرز الثور المجنح حيث كان الثور احد الحيوانات المضحى بها في هذا العيد خصوصا حينما كان موعد التضحية به يوافق اليوم الخامس من تلك الاحتفالات وعند المساء تحديدا حيث يشارك الملك في شعائر دينية في الساحة المخصصة للاحتفال فيعملون على حفر خندق وتوضع فيه حزمة من القصب مكونة من أربعين قصبة غير مكسورة تربط بحبل من جريد النخل وبعدها يربط ثور ابيض بجانب الحفرة ثم توقد النار بحزمة القصب ويقف الملك والكاهن الأكبر اما هذا الطقس ويضحى بالثور وتتلى فيه الأتي (ثور مقدس،نار ملتهبة،تقضي على الظلام) اما سبب اختيار الثور الأبيض لتقديمه كقربان في هذا الطقس فيعود لاعتقاد العراقيين القدماء بان الثور الأبيض سيطهرهم من الذنوب والآثام .. كما يمنح الاحتفال بعيد رأس السنة البابلية الاشورية عدة دلالات لعل من أبرزها مايمثله موت وقيامة الاله دموزي (تموز) حيث كان يعطي انطباع حول حركة الركود في حركة الوجود والموت ورجوع دموزي من العالم السفلي بما يمثله من انبعاث وعودة الحياة للكائنات على وجه الطبيعة وما من دلالات تؤشر الميثولوجيا البابلية التي تؤكد حضور الاله عشتار وهو اله الحب والجمال والخصب في إنقاذ زوجها دموزي من العالم السفلي وهو امتداد بابلي للالهة انانا السومرية فقد كانت تمثل هذه الإلهة رمز الخصوبة والحياة على الأرض حينما كانت بابل العظيمة تمثل في زمن السومريين قرية صغيرة عرفت باسم بابيلا أي بباب ايلم أي بوابة الاله عند الاكديين وقد تحول هذا الاسم من باب ايلم الى بابل في التوراة .. وتشير الكتابات القديمة التي يفصح عنها يعكوب أبونا في مقالة حملت عنوان (في اكيتو..رأس السنة البابلية الاشورية ) نشرها بمجلة (نجم بيث نهرين ) بعددها الثالث لشهر كانون الأول 2012 ان الزواج المقدس(زاك موك) كان محور الاحتفال برأس السنة في الألف الثالث ومنتصف الألف الثاني قبل الميلاد إلا ان حلول الألف الأول قبل الميلاد أصبح الزواج جزء من عيد رأس السنة البابلية (اكيتو) الذي كان يبدأ في الأول من نيسان ويستمر لمدة اثنا عشر يوما ..وكانت تلك الأيام حافلة بالكثير من الطقوس التي تكلمنا عن احدها وهو طقوس اليوم الخامس اما اليوم الثاني من العيد فقد كانت تشير الكتابات الى مغادرة الاله اشور لمعبده بعد تناوله فطوره المكون من اللحم حيث كان يغادر المعبد في عربة تجرها خيول بيضاء في مقدمة موكب الإلهة باتجاه المبنى الذي يدعى دار اكيتو الذي كان يمثل معبدا كان قد بناه سنحاريب خارج المدينة فكان الاله لدى وصوله للدار يترأس الوليمة المعدة بالمناسبة إلا ان ابونا بمقالته المذكورة يشير الى طقوس اليوم الحادي عشر عندما تعود الالهة الى معبد ايساكيلا وتجتمع هناك لتقرر من جديد مصائر البشر للسنة القادمة ويختتم الاجتماع باحتفال وإعداد وليمة كبرى وصلوات موسيقى وفي اليوم الاخير أي اليوم الثاني عشر فتعود جميع الالهة الى مدنها ومعابدها التي قدمت منها الى بابل والكهنة أيضا الى معابدهم وعودة الملك الى قصره..اما الكتابات التي تشير للاحتفال بهذا العيد فهي كثيرة خصوصا بما يتعلق باحتفالات العراقيين بهذا العيد الذي لم يكن مقتصرا على قومية معينة بل كان السومريين والاكديين والاموريين و الاشوريين والكيشيين والحثيين والعيلاميين والاراميين والكلدانيين واليهود والفرس وغيرهم كانوا حريصين على احياء طقوس عيد رأس السنة حيث كان مركز تلك الاحتفالات في الإمبراطورية الاشورية ونينوى ..اما تسمية اكيتو التي التصق بعيد رأس السنة فهي تعود للترجمة التي تشير الى وليمة رأس السنة وهو الشكل الذي آلت له احتفالات العيد خلال الالف الأولى في مدينة بابل..
 

Comments powered by CComment

Lock full review www.8betting.co.uk 888 Bookmaker